إستحالة نجاح جماعة الإخوان المسلمين في ممارسة السياسة !!
لم تستطع جماعة أن تحتل هذا الحيز من اهتمام الناس، كما احتلت جماعة الإخوان، وربما كان أهمّ أسباب ذلك؛ نهوضها بممارسة السياسة والمنافسة على السلطة، أو بالأحرى محاولة حيازتها، سواء على ظهر انقلاب - كما حدث في السودان - أو ثورة ، أو تسلّل ناعم في مؤسسات دولة لم تؤمن يوماً بها.،
لكنّ الزلزال الذي أصاب الجماعة، أو بالأحرى
تجربتها السياسية ، والتي بلغت ذروتها بحيازتها السلطة ، في أهم قطر عربي (مصر
والسودان) ، جعل كثيرون يتساءلون: هل من الممكن أن تعود الجماعة من جديد لممارسة السياسة،
أو تسعى لحيازة السلطة من جديد؟
حركة المشروع السياسي للجماعة " الحركة
الشمولية " كانت انعكاساً لأفكار البنا
تبرز وجهة النظر التي تقول: إنّ الجماعة
كائن سلطوي، مشغول بالحكم، لن يتوانى عن السعي لحيازته من جديد، سواء باللجوء للسلاح أو للتقية، اوالاثنين معاً.
قد تبدو وجهة النظر تلك صحيحة، لو كنا في
صدد مناقشة الرغبة، التي تبدو نصف الطريق للسلطة؛ حيث تبقى القدرة هي النصف الآخر وعند
الحديث عن القدرة، تبرز أسباب تجعل عودة الجماعة لممارسة السياسة، أو محاولة حيازة
السلطة افتراضاً مستحيلاً، فما هي تلك الأسباب؟
أولاً : أنّ حركة المشروع السياسي للجماعة
بمنطق الحركة الشمولية، كانت انعكاساً لأفكار البنا المؤسس عن الدولة، والذي انطوى
على تناقض جذري، بين تأييده للنظام النيابي نظرياً، مع تبنّيه عملياً للنظام الشمولي،
ورفض فكرة الأحزاب والمؤسسية، حتى داخل التنظيم؛ حيث بقيت مركزية الرجل في حياته ومركزية
منصبه كمرشد بعد وفاته أصلاً راسخاً في وعي الجماعة
انشغلت الجماعة بتحقيق مكاسب
سياسية وتعجلت المنافسة السياسية والدخول في سلطة لم تكن مؤهلة لها
ثاني تلك الأسباب، أو قل الجرم الثاني؛
كان في نسبة المشروع السياسي للجماعة إلى الإسلام، إلى حدّ تسمية البنا للجماعة
"دعوة الإسلام في القرن العشرين"، بهذا الحصر، فلم تكن انحيازات كثير من
تجارب الجماعة السياسية مخلصة لمقاصد الدين في بناء النظام السياسي، من حيث الشورى
الدستورية أو الديمقراطية والعدل الاجتماعي والاستقلال؛ بل كانت تتنكر تحت أسم
الدين فوق كل شئ من أجل مضاعفة مكاسبهم بجعل كل شئ مادي ومعنوي تحت تحكمهم ولكن
حدث صراع قوي بين قيم الجماعة والقيم التي تنسجم على نحو واضح مع ما حققته البشرية
، التي لا ينبغي نسبتها للوحي، فذلك مفسد للدين والدنيا معاً،
فالدين لم يأتي لنا بمطامع سياسية ولا
تعنت في أمور الدين والدنيا وغيرها وانما نظم ديننا القويم الأساسيات الهامة في
حياة الأنسان وترك للأنسان إختيارة ليكون علي نفسه شهيداً
يوم القيامة علي كل ما اقترفه من
إختيارات خاطئة
ثالثاً: لم تكن التجربة السياسية للجماعة
خادمة لرؤية إستراتيجية واضحة في معظم المراحل؛ حيث انطوى سلوك الجماعة السياسي على
عمى إستراتيجي تجد معه أنّ الجماعة في مرحلة الصدام مع الدولة والسعي لحيازة السلطة
تتمسك بالمسار الإصلاحي، في الوقت الذي كان يحتم رؤية تغييرية ثورية والعكس صحيح، مما
أربك لدى كثيرين داخلها النظرة الوطنية العامة لأولويات العمل السياسي، أفرز ذلك في
نهاية التجربة حالة عامة من حالات فقدان الثقة في الجدارة المعرفية والفكرية والسياسية،
على مستوى التنظيم والخيارات والمسار، وهو شعور عام لدى قطاعات عديدة داخل وخارج الحركة.
لم تكن انحيازات كثير من تجارب الجماعة
السياسية مخلصة لمقاصد الدين في بناء النظام السياسي
رابعاً: لم تنجح الحركة أبداً في الفصل
الكامل بين الدعوي والحزبي، ما أفشل معظم تجاربها، لكنّ أخطر مشاكل الجماعة، والتي
ستحول دون عودتها سياسياً؛ هي أنّ فكرة المراجعات مراجعة المسار السياسي مرفوضة تماماً
من قبل القيادات التاريخية للجماعة، التي ستبقى متمسكة بما
يسمى فقه المحنة والمظلومية؛ حيث يبقى أنّ تلك المراجعات تتطلب ليس فقط استعداداً
نفسياً للمراجعة والنقد الذاتي، تفتقده القيادة والأعضاء، بل يلزمها أيضاً التحرر من هلاوس الاصطفائية والمظلومية، وامتلاك الحدّ الأدنى
من التأهل الفكري ، الذي تفتقر له الأجيال المختلفة من الجماعة، والذي يأتي
إفرازاً لمسار طويل مأزوم وفقير، تربوياً ومعرفياً، كلّ ذلك فاقمه ميراث معقد من المشكلات
النفسية والمعرفية والتربوية، التي أفرزتها تجارب اعضاء الجماعة في أجيالهم
الصاعدة.
عانت الجماعة، عبر تاريخها، من ضمور في
التصوّر
عند الحديث عن الفكر السياسي لها، وهو ما عاناه الإسلاميون
بشكل عام، ما كشف لوناً واضحاً من المراهقة الفكرية في الموقف من الدولة الوطنية، سواء
على مستوى التصور أو السلوك لدى القيادات أو القواعد، وفي الحقيقة؛ إنّ مبعث ذلك هو
التوقف التاريخي لمئات، الأسئلة المركزية
لدي الأجيال الصاعدة بلا إجابات شافية، في غفلة عن إدراك لحركة السنن الاجتماعية والسياسية،
التي أنتجت تطوراً هائلاً في التجربة الغربية، لم ننجح في الاستفادة منه جميعا
لم تكن التجربة السياسية للجماعة
خادمة لرؤية إستراتيجية واضحة في معظم المراحل
في النشأة والتأسيس انطوى الأمر على خلط
وتسطيح فكري، وارتكاز على مخاطبة العاطفة الدينية، أكثر من تأسيس منهج تجديد مختلف،
وبالتالي راحت السكرة وجاءت الفكرة، التي لم تجد من هو أهل للتعاطي الجادّ والخبير
معها.
انشغلت الجماعة بتحقيق مكاسب سياسية والتوسع
قصير المدى، وتعجلت المنافسة السياسية والدخول في مساحة سلطة لم تكن أبداً مؤهلة لها،
ودون إنفاق وقت وجهد كافييْن في بناء مشروعات حقيقية على مستوى الفكرة والتطبيق، فلم
تكن الجماعة مؤمنة يوماً بالدولة الوطنية الحديثة؛ حيث بقيت مصابة بضمور في تصورها
عنها،.
جملة الأسباب التي تحدثنا عنها، وما يزال
لدينا الكثير منها، تأتي كعيوب بنيوية لا صلة لها بما واجهته الجماعة، أو ما تحدثت
عنه؛ من مؤامرات أسطورية، أو قوة الخصوم، فالجماعة تحمل داخلها أسباب انتهائها، وقد
مضت إلى معاركها كلّها، تحمل هزيمتها معها، وهو ما يؤكد أنّه بعد كلّ ما عاشته، لم
يعد لها من أمل في البقاء بشكلها المعروف، أو عودتها على الأقل إلى منافسة سياسية لم
تكن يوماً مؤهلة لها، على مستوى التكوين أو التنفيذ، بعدما أنجزت فقط تعريف نفسها للآخرين،
دون أن تتعرف هي على حقيقة ذاتها، وقد تعودت أن تنظر للآخرين وتستصغرهم، دون أن تتجه
أبصارها مرة واحدة إلى داخلها،
: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ
أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾!
تساؤل ..!
هل سنري في المستقبل اي تواجد سياسي للإخوان المسلمين في اي بلد عربيمما حدث فيهم الأحداث المذكورة ؟! أم ان شعوب تلك البلد قد ملت من المراهقه السياسية
للأخوان وطمعمهم في السلطة دول وجع حق وتعاليلهم علي باقي الشعوب وكأنهم
المُختارين في الأرض ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق