اخر الاخبار

Post Top Ad

LightBlog

الاثنين، 30 مارس 2020

اطماع الديكتاتور الموهوم اردوغان في ليبيا ،، ج2 طاقه وخلافه


اطماع الديكتاتور الموهوم اردوغان في ليبيا ،، ج2 طاقه وخلافه




لا يشغل بال شيطان تركيا "اردوغان" علي مـر العصور سوي اعادة احياء الخلافة العثماني الغاشمة وهو ما يفعله اردوغان حالياً في محاولة زرع كيان عسكري تركي أو ملشيات مسلحة متطرفة مدعومة من تركيا بجميع بلدان الوطن العربي ، وذلك من أجل رسم خطة طويلة الامد  للسيطرة علي ثروات الوطن العربي – خاصة النفطية منها – وهذا ما شهده العالم حول اردوغان في الاعوام الماضية بعد عدة تحالفات واتفاقيات غير سليمة لكي يتمكن من بث نفوذه بالوطن العربي كما فعل أجداده ، فرأينا  اتفاقية غير سوية مع النظام الاخواني السوداني السابق تمكن من خلالها بزرع قوات مسلحة تركية بقلب السودان بجزيرة سواكن وذلك لإحكاام السيطرة علي البحر الأحمر وثرواته والتجارة فيه ، ثم ومن بعد رأينا تدخلات عسكري غير مبررة بكل من سوريا والعراق واخيراً ليبيا

لا يزال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مصرّا على تدخله السافر في الشأن الليبي، مهددا بذلك دول الجوار وضفّتي المتوسط، ودافعا نحو المزيد من التوتر، تحقيقا لطموحاته “الإمبراطورية” الزائفة التي لا تتحقق إلا في ظل الصراعات والحروب والفتن في تناسق مع طبيعة المشروع الإسلامي الذي يتبنّاه، والذي يرتكز بالأساس على الاندفاع نحو الغزو والفوضى والسيطرة والتحكم في مصائر الأفراد والشعوب.

في هذا السياق يعتقد أردوغان أن ليبيا عادت إلى حضن مشروعه الوهمي، فهي كما زعم في أكثر من مناسبة جزء من تراث أجداده وله فيها من يحملون نفس جيناته، مصرحا بمواقفه العنصرية ضد العرب الليبيين، محاولا استعطاف بقية الأقليات، ومستفيدا من سلطة الميليشيات، ومن تطلعات الإخوان وجهويّي مصراتة ممّن باتوا يجاهرون بنظرتهم الدونية للقبائل والعشائر التي تمثل الأغلبية الساحقة من السكان المحليين، في محاولته بسط نفوذه على بلد شاسع المساحة، وافر الثروات، قليل السكان، إستراتيجي الموقع.

في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام ٢٠١٩، وقّعت كل من الحكومة التركية وحكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج، اتفاقيتين للتعاون أحدثتا حالة من الدهشة والاستياء في دول الجوار القريب، خاصة في كل من جمهورية قبرص واليونان وإسرائيل ومصر، التي تتنازع معهم أنقرة السيادة على الشطر الشرقي من البحر المتوسط. ويتعلّق الاتفاق الأول بهذه النقطة، بينما ينظّم الثاني، رغم انفصاله عن الأول لكن هناك بالقطع صلة بينهما، التعاون العسكري والدعم الذي ستقدمه تركيا، والذي لا يتضمّن حتى الآن نشر قوات مقاتلة.

ويتجاوز الأثر الاستراتيجي لهذه الاتفاقات الحدود الجغرافية لليبيا وظهرت تبعاته في نطاق أوسع. وكما كان متوقعاً، لم يقف أحد موقف المتفرج، ورأت دول أخرى لها مصالح في ليبيا، مثل فرنسا وإيطاليا، نفسها مضطرة لاتخاذ موقف رافض للاتفاقيتين، وهو نفس الموقف الذي أظهره الاتحاد الأوروبي، بينما وصفت الولايات المتحدة ما حدث بأنّه "استفزازي". على الجانب الآخر بدت كل من روسيا والصين متحفّظتان في هذا الصدد، لتمنحا نفسيهما قدراً أكبر من حرية الحركة حيال هذا الملف وفقَا لما ستؤول إليه الأمور.

تُعتبر تركيا ضمن الدول التي تخطّط سياستها الخارجية بأكبر قدر من التروّي. لا يمكن الجزم اهتمام تركيا بليبيا ليس بحديث. فقد كانت جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، كما أنّها كانت أول تجربة قتالية يخوضها الشاب مصطفى كمال أثناء الحرب التي اندلعت على خلفية احتلال إيطاليا لليبيا  وأسهم أداؤه البارز خلال معركة جاليبولي أثناء الحرب العالمية الأولى والتي حوّلته إلى بطل قومي.


بأنّ هذه الطريقة ناجحة على الدوام، لكنّها بالتأكيد ترتكز إلى أسس راسخة ولا تأتي تصرّفاتها من منطلق الارتجال. بالتالي ينبغي تحليل الحراك الخارجي التركي من هذا المنظور، بحيث يمكن استشفاف دوافع هذا التحرّك وتوقّع نتائجه الاستراتيجية على توازن القوى في المنطقة

المصالح التركية في ليبيا


رغم أنّ العوامل العاطفية بالطبع لها أهميتها، إلّا أنّ السياسة الخارجية التركية الحالية ركّزت انتباهها على بلد أصبح اليوم ضمن تصنيف الدول الفاشلة بسبب التدخّلات الخارجية بنسبة كبيرة. لكن ما سرّ هذا الاهتمام الواضح؟ يمكن بكل يسر رصد أربعة عوامل على الأقل تتوافر في ليبيا وتمثّل بالنسبة لتركيا فرصاً سانحة لا ينبغي إهدارها: ١) تغلغل التأثير التركي في أفريقيا، ٢) وضع اليد على موارد الطاقة الليبية، ٣) تقويض دور مصر الإقليمي، ٤) ترسيم حدود السيادة في شرق البحر المتوسط. ويرتبط أول عنصرين مباشرة بسياسة التوسع في أفريقيا التي بدأت الحكومة التركية في اتباعها منذ منتصف العقد المنصرم. أمّا العاملان الآخران فلهما أهداف أبعد وربما يكونان الدافع وراء توقيع تلك الاتفاقيات المذكورة، نتيجة لأنّ هذين العاملين من شأنهما دفع تركيا لبذل كل ما بوسعها من أجل تحقيقهما
الطاقة والنفط
إنّ الحديث عن السيطرة على موارد الطاقة باعتبارها أحد الدوافع، إذا لم يكن أهمّها، وثورات عام ٢٠١١، وتدخّل حلف شمال الأطلسي "ناتو" الذي أدّى لإسقاط نظام القذافي هو من باب ذكر البديهيات. ولا تعدّ تركيا استثناء من ذلك. ويتشكّك الكثيرون اليوم في فكرة أنّ الإيثار هو المحرّك الوحيد الذي يدفع تركيا للاهتمام بليبيا. بالتأكيد تحاول تركيا الحصول على الموارد التي تفتقر وتحتاج لها من أجل المحافظة على سلامة اقتصادها وهو ما يعني بالتالي تحقيق أهداف سياستها تجاه أفريقيا.


وتمتلك ليبيا احتياطات هائلة تُقدّر بحوالي ٤٨ مليار و٤٠٠ مليون برميل من النفط (ما يعادل ٢.٨٪ من الاحتياطي العالمي)، علاوة على ١.٥ مليون متر مكعّب من الغاز الطبيعي، لكن استخراج هذه الموارد خلال الفترة السابقة لعام ٢٠١١ ينحصر بين شركات بعينها مثل؛ بريتيش بتروليم البريطانية وتشيڤرون الأمريكية وإيني الإيطالية وربسول الإسبانية وشيل الهولندية وتوتال الفرنسية وشركات أخرى صينية ونمساوية ونرويجية وألمانية.


وحتى اليوم، لا تزال صناعة النفط التركية غائبة عن الساحة الليبية. وربما يكون هذا الوضع قاب قوسين أو أدنى من التغيّر. فمن شأن وجود حكومة موالية في طرابلس تسهيل دخول شركة النفط التركية الرسمية إلى آبار النفط الليبية، ليس فقط في الأراضي القارّية، بل وأيضاً تلك الواقعة في مناطق سيادتها بالبحر المتوسط. وبالفعل، كشفت تركيا عن نواياها بتنفيذ مشروعات تنقيب في المياه التي تصنّفها الحكومة الليبية بأنّها منطقة اقتصادية خالصة
دعم الاخوان والحرب بالوكاله
أضحت ليبيا مسرحاً لحرب بالوكالة بين بعض الدول. وكل ذلك في ظلّ موقف مبهم من ناحية روسيا التي رغم إعلانها الحياد، إلّا أنّ دعم شركة "ڤاجنر" العسكرية الروسية الخاصة للجيش الوطني الليبي معروف للجميع.

وهنا يظهر في الصورة اتفاق التعاون العسكري والأمني. ويقتصر هذا الاتفاق على ملفّات الدعم التقني والمشورة وتبادل المعلومات والاستخبارات والتدريب والتأهيل والتجهيز، وكذا الصناعات الدفاعية، وقائمة من ٢٣ بنداً آخرين، بيد أنّه لا يشمل نشر قوات مقاتلة.
بموجب هذا الاتفاق، أرسلت تركيا مستشارين ومدرّبين عسكريين إلى ليبيا؛ حيث حدثت أولى الخسائر بالفعل. وقد اعترف الرئيس أردوغان بالفعل بسقوط عدد من أفراد الجيش الوطني السوري، وهو فصيل سوري معارض تدعمه تركيا. إضافة إلى هذا الفصيل، تنشط بالفعل في ليبيا شركة الأمن التركية الخاصة "سادات" منذ عام ٢٠١٣ على أقل تقدير. لذا فإنّ تركيا ستبذل كل ما بوسعها على الأرجح للحيلولة دون سقوط حكومة الوفاق الوطني، وبالتالي تسهيل تغلغل مصر في المشهد الليبي. ولا ينحصر هذا في إمداد حكومة الوفاق الوطني بالمعدّات العسكرية فحسب، بل يمتدّ ليصل إلى الدفع بقوات مقاتلة، حسبما تقتضي الأوضاع على الأرض، وقد طلبت حكومة الوفاق الوطني بالفعل المزيد من القوات المسلحة التركية.
لقد أصبح من الضروري بشدّة بالنسبة لتركيا احتواء النفوذ المصري في القارة الأفريقية، وربّما انتظار تغيير النظام في مصر والذي تعتقد أنقرة أنه قد يفضي إلى إزالة العقبات في طريق تطبيع العلاقات الثنائية. ومن أجل إكمال "الحصار"، أقامت تركيا علاقات وثيقة مع السودان، حيث يتمتّع أردوغان بتأثير متزايد. وخلال زيارته للبلاد في ٢٠١٧، تعهّد الرئيس بتشييد بنية تحتية والارتقاء بحجم التبادل التجاري بين البلدين ليبلغ ١٠ مليار دولار، ليضمن حقّ إعادة بناء جزيرة سواكن، وهو ميناء عثماني مهم يعود للفترة بين القرنين؛ الخامس عشر والتاسع عشر، على سواحل البحر الأحمر. إلّا أنّ سقوط نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير جاء ليوجّه ضربة موجعة للتطلّعات التركية، التي أصبحت مسألة استمراريتها في مهبّ الريح. وبعد فترة مقتضبة من الترقّب، بدأت الحكومة التركية في الوقت الحالي سلسلة من التحرّكات لمحاولة تجاوز ما حدث، بما يشمل تعزيز التعاون في مجال الدفاع.
ترسيم مناطق السيادة في شرق البحر المتوسط
يُعدّ هذا هو الملفّ الأهم من المنظور التركي في الوقت الراهن والذي جاءت نتيجته في صورة توقيع مذكّرة التفاهم حول ترسيم مناطق السيادة في البحر المتوسط. ولفهم ذلك الأمر يجب العودة بشكل خاطف إلى القانون الدولي للبحار الذي ينصّ على أحقّية كل دولة في ٢٠٠ ميل بحري من آخر نقطة في أراضيها المحاذية للبحر، ومنطقة اقتصادية خالصة يمكن للدولة فيها ممارسة حقها في السيادة، وفي حالات بعينها يمكن مدّ نطاق هذه المنطقة بحيث يصل إلى ٣٥٠ ميلاً بحرياً.
لكن المشكلة في حالة شرق البحر المتوسط تكمن في محدودية المساحة وبالتالي صعوبة تطبيق القانون الدولي، لذا لا بديل أمام دول المنطقة سوى ترسيم الحدود البحرية عن طريق التفاوض فيما بينها مع الالتزام "بعدم القيام بأي شيء قد يهدّد أو يعوق إتمام الاتفاق النهائي".
وحتى الآن وإزاء غياب الاتفاق، امتنعت تركيا واليونان عن الإدلاء بأي إعلان رسمي يمكن تأويله على أنّه عدائي. بيد أنّ الاتفاق التركي-الليبي يعدّ خرقاً لهذه الحالة لا سيما وأنّه يتضمّن وضع خطّ فاصل بطول ١٨.٦ ميلاً بحرياً متساوي البعد بين السواحل التركية والليبية. وتكمن المشكلة هنا في وجود جزر مثل كريت بالقرب من هذا الخط الفاصل، إضافة إلى جزر أخرى أصغر من حيث المساحة مثل كارباتوس ورودس اللتين ونظراً لكونهما مأهولتين بالسكان، تضفيان المشروعية على مطالبات اليونان التي يتجاهلها الاتفاق التركي الليبي.
من جانبها، تدّعي تركيا أنّ الاتفاق أُبرم مع حكومة شرعية بموجب الدستور وتحظى باعتراف المجتمع الدولي، ما يعني أنّه يسير في إطار القانون الدولي. واستناداً إلى معاهدة فيينا للحق في إبرام الاتفوالحقيقة أنّ الخلاف حول ترسيم مناطق السيادة في الشطر الشرقي من البحر المتوسط والاستفادة من موارد الطاقة المكتشفة أسفل مياهه هو الذي أدّى لتوقيع الاتفاق. ورغم أنّ العملية لا تزال في بداياتها، إلّا أنّ استغلال الحقول المكتشفة على مدار العقد الأخير أسفر عن تشكّل تحالفات استراتيجية إقليمية: وتضمّ المجموعة الأولى كل من اليونان وقبرص وإسرائيل ومصر التي تتعاون فيما بينها لإيجاد صيغة حول الاستفادة من مواردها المحتملة، بينما تشمل المجموعة الثانية كل من تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية، والأخيرة لا تحظى باعتراف المجتمع الدولي. بالمثل تمتلك كل من فرنسا وإيطاليا، ممثّلتين في شركتي النفط "توتال" و"إيني"، على الترتيب، مصالح تجارية في هذه المياه، ما دفعهما لاتخاذ صفّ المعسكر الأول الذي يتمتّع بتأييد الاتحاد الأوروبي. كذلك لدى الولايات المتحدة مصالحها التجارية الخاصة بالموارد المحتملة في المياه التي تطالب قبرص بالسيادة عليها.
تركت كل هذه التحالفات تركيا في حالة من العزلة. وقد دفع عقد منتدى غاز شرق البحر المتوسط، وهو ملتقى سياسي للتعاون في مجال الطاقة تشارك فيه كل من مصر وإسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية وقبرص واليونان وإيطاليا كما أبدت فرنسا اهتمامًا بالانضمام له، تركيا إلى التحرّك بالتأكيد.
ويرسم الاتفاق بشكل واضح الحدود ويمنح تركيا منطقة من البحر تجبر أي خط غاز قد يمكن مدّه لتصدير غاز شرق البحر المتوسط إلى أوروبا على المرور عبرها، وبالتالي تصبح لدى تركيا الكلمة العليا وصلاحية رفض أو حتى عرقلة مدّ أي خط.
وبغضّ النظر عن الآثار القانونية التي قد يجلبها هذا الإعلان، فإنّ ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة في رقعة متنازع عليها عند الأراضي اليونانية وتحديدًا جزيرة كريت، يمثّل تحوّلًا استراتيجيًا. ويأتي هذا التغيّر الاستراتيجي مصحوبًا بنشر قوات تركية في ليبيا دعمًا لحكومة الوفاق الوطني- حتى لو كان هذا الانتشار على نطاق محدود في الوقت الحالي- ليضع الملف الليبي في وسط المشهد الجيوسياسي شديد الخصوصية في شرق البحر المتوسط وحيث تسعى تركيا لاستعادة مكانتها كقوة إقليمية لا بديل عن التفاوض معها ولا مجال لتجاهلها. وعلى حد تعبير نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي "فرص نجاح أي خطة في المنطقة لا تشمل تركيا ضئيلة للغاية". لذا يبدو واضحًا بشكل جليّ أنّ تركيا تنتهج سياسة الأمر الواقع.
النتائج  الإقليمية
مما سبق يتّضح أنّ الأسباب التي تدفع تركيا للتدخل في الساحة الليبية منذ 2011 ترتبط بصورة كبيرة بتطلّعاتها نحو تأكيد نفوذها في القارة الافريقية عن طريق مشروعات تعاون سياسي واقتصادي وعسكري. رغم أنّ تطور الأحداث في البلد العربي وعودة شبح الحرب الأهلية منذ نيسان (أبريل) من العام الماضي قوّض بشكل ملحوظ من بريق النجاح الذي وصلت له أنقرة حتى الآن. على الجانب الآخر، أسفرت العزلة التي تختبرها تركيا في شرق البحر المتوسط عن اتباعها لاستراتيجية تمرّ عبر الدمج بين المسألتين، بحيث يصعب للغاية التطرّق لإحداهما دون المساس بالأخرى. وسيعني استمرار حكومة فايز السراج وجود حليف ثمين ويؤدّي لتقوية الاتفاق حول ترسيم الحدود البحرية في مياه البحر المتوسط الشرقي.
وحتى الآن وباستثناء لبنان وسوريا، أعلنت جميع الدول المطلّة على البحر المتوسط؛ مصر وإسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا، وانضمّت إليهم فرنسا- التي تمتلك وجودًا بحريًا في هذه المياه وحيث زارت حاملة طائراتها "شارل ديجول" مؤخرًا ميناء ليماسول في قبرص، أنّ الاتفاق المذكور باطل، بينما وقّعت فرنسا مع اليونان اتفاقاً لتعزيز التعاون الدفاعي يعكس بالطبع نواياهما. كما لا يمكن إغفال مهمة الاتحاد الأوروبي البحرية التي حصلت على الضوء الأخضر من المجلس الأوروبي في 17 شباط (فبراير) الماضي بناء على مقترح فرنسا لمراقبة الحظر على الأسلحة المفروض على ليبيا من جانب مجلس الأمن الدولي، وتعني هذه المهمة حضورًا عسكريًا سيصعّب كثيرًا على تركيا تحقيق أهدافها بالتنقيب عن موارد الطاقة في المياه التي تدّعي سيادتها عليها.
على أنّ مناقشات عاصفة تدور في أروقة الاتحاد الأوروبي بغية إيجاد توازن بين الموقف الرسمي بدعم حكومة السراج المعترف بها دولياً، وهو موقف المعسكر الذي تقوده إيطاليا بوصفها المنادي الأكبر بهذا الموقف، ومصالح فرنسا التي تقف وراءها اليونان وقبرص، والأخيرتان قد تستفيدان من انتصار محتمل للمشير حفتر. ومن شأن تضارب المواقف داخل الاتحاد الأوروبي أن تفضي في نهاية المطاف إلى إضعاف افتراضي للوحدة الأوروبية وبالقطع لن تتوانى تركيا عن استغلال ذلك.
أما الولايات المتحدة، فتختلف نظرتها للأمور بعض الشيء رغم رفضها للاتفاق التركي-الليبي، على أنّ تطور الأحداث في سوريا قد يؤدي لتغيير موقفها بعض الشيء. والحقيقة أنّ الأولوية الاستراتيجية لواشنطن هي إيقاف انتشار نفوذ روسيا والصين على الصعيد العالمي، كما أنّ الحملة العسكرية التي بدأها نظام الرئيس السوري بشار الأسد بدعم روسي في محافظ إدلب أحدث شرخًا عميقًا في العلاقات بين روسيا وتركيا، ما يُترجم إلى فرص سانحة.
وبالفعل، أظهرت الولايات المتحدة إشارات تقارب من أجل بث بعض الدفء في علاقاتها مع تركيا والتي قد تستثمرها واشنطن على النحو الأمثل لإيقاف تغلغل التأثير الروسي في البحر المتوسط.  والحقيقة أنّ سعي موسكو الحثيث للحصول على موطئ قدم لها على الشاطئ الجنوبي من البحر المتوسط شيء معروف للعامة، لذا فإنّها تبقي على قنوات الاتصال مفتوحة مع جميع الأطراف المتنازعة في ليبيا، وكذلك في مصر حيث تمتلك تأثيرًا متزايدًا. خلاصة القول هنا أنّ تعزيز وضعية تركيا في ليبيا قد يخدم، بشكل غير مباشر، المصالح الأمريكية في المنطقة.
لكن الاستراتيجية التي تنتهجها تركيا في البحر المتوسط لا تخلو أيضًا من المخاطر. فمن شأن وجود قوات مسلحة لقوة إقليمية متوسطة التأثير فضلًا عن محدودية القدرة على العمل عن بعد والحفاظ على استدامة قدراتها العسكرية، أن يضع تركيا وبسهولة في موقف شديد الصعوبة ما يعني عجزها عن تطبيق استراتيجيتها.
وفوق كل ذلك، فإنّ تطوّر الأمور من الناحية العسكرية على نحو مغاير لمصلحة تركيا، قد يتسبّب في جرجرة الأخيرة إلى الانزلاق رغمًا عن إرادتها بشكل أكبر في الأزمة الليبية، وهذا في الوقت الذي تحتاج فيه لتركيز مواردها العسكرية على الحدود، خاصة السورية. وفي ظل هذه الظروف، فإنّ أنقرة لا تقامر فقط باستراتيجيتها في البحر المتوسط، بل باستراتيجيتها الأمنية على الحدود.

وعلى أي حال، سيتكفّل الوقت بالكشف عن أي الاستراتيجيات المتصادمة ستخرج فائزة في نهاية المطاف في هذه المنطقة التي تشهد تصاعدًا في التحرّكات العسكري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Your Ad Spot