اخر الاخبار

Post Top Ad

LightBlog

الأربعاء، 27 نوفمبر 2019

الإشكاليّات التي تواجه اللغة العربية في ظل العولمة


الإشكاليّات التي تواجه اللغة العربية في ظل العولمة

تكتسب اللغة أهميتها في ميدان الاتصال كونها الأداة الأساسية التي من خلالها يمكن توحيد المفاهيم الأفكار ونقل التكنولوجيا وتوطينها لدرجة أصحبت معها مقولة من يستطيع تسويق لغته بقوة وجدارة يستطيع أن يسوّق منتجاته وبضائعه كما ينظر للغة من حيث قوتها وسيادتها كونها أحد أبرز مظاهر الاستقلال والحرية..

اللُّغَة العَرَبِيّة

 
 هي أكثرُ اللغاتِ السامية تحدثاً، وإحدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم، يتحدثُها أكثرُ من 467 مليون نسمة ويتوزعُ متحدثوها في الوطن العربي بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى المجاورة كالأهواز وتركيا وتشاد ومالي والسنغال وإرتيريا وإثيوبيا وجنوب السودان وإيران. وبذلك فهي تحتل المركز الرابع أو الخامس من حيث اللغات الأكثر انتشاراً في العالم، واللغة الرابعة من حيث عدد المستخدمين على الإنترنت. اللغةُ العربيةُ ذات أهمية قصوى لدى المسلمين فهي عندَهم لغةٌ مقدسة إذ أنها لغة القرآن، وهي لغةُ الصلاة وأساسيةٌ في القيام بالعديد من العبادات والشعائرِ الإسلامية. العربيةُ هي أيضاً لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في الوطن العربي، كما كُتبَت بها كثير من أهمِّ الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى ارتفعتْ مكانةُ اللغةِ العربيةإثْرَ انتشارِالإسلام بين الدول إذ أصبحت لغة السياسة والعلم والأدب لقرون طويلة في الأراضي التي حكمها المسلمون وللغة العربية تأثير مباشر وغير مباشر على كثير من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي كالتركية والفارسية والأمازيغية والكردية والماليزية والإندونيسية والألبانية وبعض اللغات الإفريقية الأخرى مثل الهاوسا والسواحيلية والأمهرية والصومالية وبعض اللغات الأوروبية وخاصةً المتوسطية كالإسبانية والبرتغالية والمالطية والصقلية ودخلت الكثير من مصطلحاتها في اللغة الإنجليزية واللغات الأخرى مثل أدميرال والتعريفة والكحول والجبر وأسماء النجوم. كما أنها تُدرَّس بشكل رسمي أو غير رسمي في الدول الإسلامية والدول الإفريقية المحاذية للوطن العربي.


إنّ المفاهيم السابقة تعطي مؤشراً واضحاً على واقع اللغة العربية اليوم؛ إذ بفقدانها فقد العربي استقلاله وهو ما أدركته قوى تعاقبت على استعمار العرب في العصور الحديثة، بدءاً من الجمعية الطورانية التركية في أوائل القرن الماضي؛ التي شكّل "تتريك" العرب واستبدال اللغة العربية بالتركية، جوهر أهداف هذه الجمعية التي قامت على أساس قومي، فيما يتم النظر اليوم لاستخدام القوة الناعمة في تحويل العرب عن لغتهم الأم إلى اللغة الإنجليزية أحد أبرز مظاهر الغزو الثقافي الغربي وخاصة الأمريكي، وهي مقاربة حريّ بالدارسين التوقف عندها في ظل حقيقة أن هناك الكثير من الولايات الأمريكية (الجنوبية) تتحدث الإسبانية، فيما تتحدث كندا الإنجليزية إلى جانب الفرنسية ودون أن ينعكس ذلك سلباً على الانتماء الثقافي لسكان أمريكا وكندا وهو ما يدعو للتساؤل عن حقيقة كون اللغة إحدى أدوات التصدي للخارج.
وفي ظلّ ما يوصف بـ (سطوة) العولمة وعمق تأثيرها؛ فإنّ دراسات موثقة تشير إلى أنّه ما بين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف لغة ستختفي خلال القرن الواحد والعشرين خاصّة في القارة الأوروبية من هنا، فإنّ الدراسة تنطلق من التوقف عند المفاصل الأساسية، التي تشكّل معايير حقيقية يمكن الركون إليها، في استجلاء حقيقة تأثيرات العولمة على اللغة العربية، في ظلّ سيادة رؤية أحادية تزعم أنّ اللغة العربيّة في خطر وأنّها تخوض حرباً ضروساً بمواجهة العولمة، التي تستهدف اقتلاعها من جذورها وبالتالي التأثير على القرآن الكريم، وهو الكتاب المقدّس ليس عند العرب فقط، بل عند كلّ المسلمين.

اللغة العربية والعولمة



تهدف هذه الدراسة لاستجلاء آثار العولمة، السلبية والإيجابية في اللغة العربية ومدى انتشار لغة الضاد وتقلّصها أمام اللغات التي تمثل القوى الفاعلة والرائدة في العولمة الإنجليزية والفرنسية وما يوصف بأنّه حرب داخليةتُشنّ من قِبل بعض أبناء اللغةالعربية على اللغة الفصحى بالمطالبة بتقنين اللهجات المحليةفي الأقطارالعربية بوصفها واقعاً بديلاً عن اللغةالفصحى والشبهات حول ارتباط بين الدعوات بالمستشرقين ودوائر غربية تستهدف الأمة العربية، وتاريخها، ولغتها. 

تنطلق الدراسة من فرضية أنّ العولمة، وبقوة مظاهرها وأدواتها، أثّرت سلباً في اللغة العربية، رغم أنّ هناك إيجابيات لتلك العولمة، لكن لم يُحسن العرب استخدامها، وذهبوا للتعامل مع العولمة وأداتها التكنولوجية، بما يخدم الثوابت المقدسة بدلالة أنّ المحتوى العربي على الشبكة العنكبوتية، يغلب عليه طابع التطرف، وإنتاج (قواميس) جديدة تحفل بخطابات مليئة بالكراهية، ونبذ الآخر، وشيطنته، وأنّ التباكي على اللغة العربية مرتبط بمواقف مسبقة من الآخر، دون تقديم بدائل وحلول للتكيف لا المواجهة اعتمدت الدراسة مقاربة المدخلات والمخرجات أي دراسة ما أدخلته العولمة على اللغة العربية من تأثيرات إيجابية أو سلبية، وكيف تعاملت اللغة العربية  من خلال القائمين عليها والناطقين بها مع بعض المدخلات.

مظاهر تأثّر اللغة العربية بالعولمة

لا تواجه اللغة العربية وحدها التفاعل والتحديات للتعامل مع العولمة؛ حيث إنّ كافة اللغات الحيّة تواجه التحديات ذاتها، بمستويات متفاوتة، تعكس مدى تفهم الناطقين بأيّة لغة، والعلاقة بين أية لغة والعولمة يحدّدها مستقبل تلك اللغة وتطويرها واحتمالات بقائها أو تراجعها أو اندثارها والذي يعكس بالضرورة احتمالات بقاء أو تراجع أو اندثار الناطقين بها، وامتلاك القوة الذاتية والقدرات التقنية والعلمية، تشكّل أدوات مهمة في المواجهة المفترضة بين الأقوى والأضعف، من هنا؛ فإنّ تطوير اللغة العربية وجعلها لغة عصرية أصبح ضرورة مرتبطة بمستقبل الناطقين بها. وبعيداً عن الأحكام المسبقة؛ فإنّ للعولمة إيجابيات على اللغة العربية، في إطار العولمة الثقافية التي تهدف إلى الانتقال بالأفكار والثقافة من المحلية إلى العالمية، على أساس الحرية في انتقال الأفكار والقيم والاتجاهات والقيم، رغم أنّ هذه اللغة لم ترتقِ إلى أن تكون لغة عالميّة، لكنّ اللغة العربية استفادت من التقنيات التكنولوجية والوسائل السمعية والبصرية الاتصالية، وتحديداً في تعليم اللغة العربية، كما أسهم انتشار الفضائيات، بما فيها الأجنبية الناطقة باللغة العربية في نشرها، بما تبثّه من برامج ثقافية واجتماعية ومسلسلات مدبلجة، وأصبحت اللغة العربية مطلباً للشعوب والأمم الأخرى، خاصّة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 إذ تزايد الإقبال على تعلّم اللغة والثقافة العربية، وازدادت أعداد المعاهد والأكاديميات التي تدرس اللغة العربية لغير الناطقين بها.


ومع ذلك فإنّ تلك الإيجابيات ستبقى مرهونة بظروف محددة تضمن الابتعاد عن التطرف التعصب وتنمية الفكر بروح عصرية  يتم خلالها التحرر من الرواسب والأنساق المغلقة وانفتاح المدارس والجامعات ودور العلم على الآخر، وهو ما يؤشّر إلى صعوبة المهمة؛ كونها مرتبطة بجهات عديدة، رسميّة وشعبية أما سلبيات العولمة على اللغة العربية ففي ظلّ سطوة العولمة وجبروتها بدأت تدخل الكثير من الألفاظ الإنجليزية إلى العربية، ويتم التعامل مها باعتبارها عربية  كنتاكي ماكدونالدز، ببايز، فاستافود، سوبر ماركت، تلفون، إنترنت، إستراتيجية، أكاديمية، كمبيوتر، تاكسي، ماسج، موبايل، فورمات، ...إلخ)وشيوع استخدام التقويم الميلادي حتّى أنّ المركبات والوثائق والفضائيات جميعها تستخدم الإنجليزية والفرنسية ويتعدى الأمر ذلك لاستخدام الشباب العربي لغة خاصة أثناء استخدام الإنترنت (عربيزي) ورغم أنّ كثيرين يربطون استخدام الشباب العربي للغة جديدة بنوازع التمرد الاجتماعي عند هذه الفئة غير أنّ أحداً لا يقرّ بالمقاربة التي تقول إنّ اللغة العربية وفي ظلّ حالة "الجمود" وعدم القدرة على تطويرها، بما يجعلها مقبولة وتزويدها بأسباب القوة لمجاراة العصر، فإنّ الشباب العربي ذهب للبديل الأسهل والذي توفره التكنولوجيا. كما أنّ الكتابة باللغة العربية من خلال الإنترنت تواجه تحديات في ظلّ عقبات متعددة ومتنوعة، منها: تعدّد صيغ الحرف العربي والكتابة العربية وعلامات الترقيم، كما أنّ ارتباط الكلمات في اللغة العربية بالجذور الثلاثية يُصعّب إدخالها في برامج الكمبيوتر؛ حيث إنّ اللغات الأخرى تعتمد صيغة الفعل أو الاسم المجرور.

ولعلّ أبرز مظاهر تأثير العولمة في اللغة العربية، تكمن في طرح تساؤلات على نطاق واسع حول جدلية العلاقة بين اللغة الفصحى والعامية ومفاهيم الازدواجية والثنائية في اللغة، وفيما إذا كانت الفصحى عاجزة عن إيصال الأفكار والمعاني للجمهور، وإذا ما كانت الفصحى معقدة وصعبة لدرجة ألّا يستطيع الجمهور فهمها إضافة إلى تساؤلات أخرى مرتبطة بالعلاقة بين اللغة والهوية وأنّه مع ما يوصف بضياع اللغة العربية؛ فإنّ الهوية الجامعة للأمة معرضة هي الأخرى للضياع.

النتائج

إنّ فرضية أنّ اللغة العربية مستهدفة في إطار غزو ثقافي في حاجة إلى إعادة نظر، خاصة أنّها مرتبطة بالعولمة، كما أوضحنا، تلك العولمة التي يواجه مُطلقها المفترض، وهو أمريكا وأوروبا، ذات التحديات التي تواجهها الدول الأخرى؛ إذ يبدو أنّ مقولة: "العولمة (حصان) لم يعد صاحبه قادراً على أن يضبطه بعد فكّ لجامه"، تخطئ بشيء من الموضوعية.

ويبدو أنّ هناك مصداقية في فرضية البحث المتضمنة أنّ آثار العولمة السلبية في اللغة العربية أكبر من آثارها الإيجابية، لأسباب أبرزهاأنّ الناطقين بهذه اللغة، من عرب ومسلمين، هم في آخر سُلّم الأمم في المعرفة والقوة السياسية والاقتصادية والعسكرية أما الإيجابيات؛ فرغم استثمار الأداة التكنولوجية والإنترنت، إلا أنّ ذلك أسهم في شيوع اللهجات العامة خاصة في البرامج الإعلامية من مسلسلات وغيرها، غير أنّ الأخطر فيها هو شيوع العامية في برامج الأطفال ومع ذلك فإنّ مقولة: "اللغة العربية في طريقها للاندثار، مثل كثير من اللغات"، هي مقولة غير دقيقة، خاصة أنّ تلك اللغة ما تزال هي اللغة الرسمية للدول والحكومات العربية، كما أنّها لغة الدين وخطباء وروّاد المساجد، هذا إضافة إلى توقعات تصدُر عن مستشرقين تشير إلى أنّ اللغات العالمية ستندثر باستثناء (الإنجليزية، الإسبانية، الصينية، والعربية).

إنّ الاعتراف بحقيقة أنّ اللغة بمعياريتها ومعجميتها التي بنيت قبل ألف عام، غير قادرة على الاستجابة لتطورات العصر، تعدّ ضرورة قومية للبدء بالبحث عن حلول فاعلة وقابلة للتطبيق، للحفاظ على اللغة، وإعادة فحص المزاعم حول علاقة اللغة بالمقدس، وإنّ تحديث اللغة العربية لا يعني  استهداف القرآن الكريم، ولعلّ التساؤل المطروح: كيف يمكن فهم القرآن الكريم بالنسبة إلى متلقٍّ لم يعد يفهم هذه اللغة؟ كما أنّ إصرار مجامع اللغة العربية في الدول العربية على الالتزام باللغة العربية الفصحى، وعدم القدرة على توفير بدائل تستجيب لمنطق العصر، مدعاة لإعادة النظر بالقائمين على تلك المجامع، وإنتاج مناهج وطرق جديدة للخروج بحلول توافقية تضمن الاحتفاظ بالمعنى، والتوقف عن اتخاذ موقف معادٍ ورافض للهجات العامية.

وأخيراً ..!

مهما مـر علي الزمان من سنين ستظل اللغه العربية محفوظة من الإندثار وذلك بوعد صريح من الخالق البارئ الجبار بحفظ القرآن الكريم إلي قيام الساعه
مهما حاول المستشرقين طمسه وهو ما حدث بالفعل ، فالقرآن الكريم منذ حوالي 1500 عام لم يُحرف أو يتغير منه حرفٌ واحد .. !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Your Ad Spot