اخر الاخبار

Post Top Ad

LightBlog

الاثنين، 27 يناير 2020

شوكة أردوغان ستنكسر في ليبيا


شوكة أردوغان ستنكسر في ليبيا


أن الدوافع التي تجعل الرئيس التركي يفتعل توتّراً إقليمياً ربما يعلم مسبقاً أنه لن يؤدي إلى أهداف كبيرة، لكنه يأمل في أن يثمر ضغطه وتهوّره حصةً ما في الثروة البحرية المتوسّطية. وعلى هذه الخلفية وقّع اتفاقات مع رئيس «حكومة طرابلس»، إذ شكّلت من جهة فرصة لتفعيل «الحقوق البحرية»، وهذا موضع توافق داخل تركيا رغم المبالغة المكشوفة في تضخيم الذرائع القانونية تحت عنوان «الحدود البحرية»، لكنها قدّمت من جهة أخرى لـحكومة طرابلس أو بالأحرى لـميليشيات طرابلس فرصة جديدة لإطالة الأزمة وإدامة سيطرتها وتمكينها من مواصلة ادّعاء السيطرة على ليبيا وحكمها. هنا يظهر البُعد «الإخواني الكامن دائماً في ذهن أردوغان، فهو معني منذ سقوط جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر بدعم بدائل في أي مكان وقد حاول ذلك باستمالة نظام عمر البشير وتحريضه في السودان وكان داعماً مبكراً لتمرّد الميليشيات وسيطرتها على طرابلس

ترحيل المقاتلين «المرتزقة» كان الورقة الضاغطة التي استخدمها الرئيس التركي لتهديد أوروبا في أمنها، فقد سبق أن هدَّد إردوغان أوروبا بترحيل بقايا «داعش» إليها، في محاولة ابتزازية متكررة، وقد نقل إردوغان مئات المقاتلين والمسلحين السوريين إلى طرابلس الليبية لإنقاذ حكومة الإخوان من الانهيار الحتمي ، الرئيس التركي يسعى للأسف إلى لعب دور قرصان المتوسط، من خلال اتفاقية حاول من خلالها التلاعب بالجغرافيا في أمرٍ مضحك، إذ توهَّم أنَّ هناك حدوداً بين بلاده وليبيا التي تفصله عنها الدول والجزر وآلاف الكيلومترات، فجعل ليبيا دولة حدودية لبلاده، من خلال خريطة وهمية رسمها مع السراج رئيس حكومة الوفاق غير الدستورية.

من سوريا إلى العراق ثم ليبيا، تمتد أيادي تركيا لتتدخل فيما لا يعنيها، لتشعل أزمات وتدعم جماعات على حساب أخرى، حتى وإن كان هذا يعني انتشار الإرهاب والدمار ، قد يفهم البعض دوافع تركيا للتدخل في سوريا أو العراق، فهناك حدود تجمعها مع البلدين، وأزمات طاحنة تدور فيهما، قد تشكل ذريعة لتدخلها، رغم أن القانون الدولي لا يجيز ذلك بل يجرّمه ولكن ماذا بشأن ليبيا البعيده آلاف الكيلومترات عن الأراضي التركية، والذي يعاني أصلاً من مشكلات تمزقها ، لا نحتاج إلى الكثير من التمعن لندرك أن مشروع الإخوان هو المحرك الحقيقي لإردوغان. لكننا لا نستطيع إلا أن نلاحظ أن مشروع الإخوان هذا هو عجلة يحمل عليها اليوم مشروعه الإقليمي في منطقة المتوسط. إردوغان الموهوم بالتاريخ، يريد أن يستعيد عصر السلطنة العثمانية الذي استنزف العالم العربي لقرون.

الهدف من تدخل تركيا في الشأن السوري، هو نفسه الذي يحرّكها للتدخل في ليبيا. دعم مشروع الإخوان تحول إلى دعم بواسطة الميليشيات المسلحة. إردوغان يبعث جيشه الانكشاري الجديد إلى مناطق الاضطرابات ويستفيد منه. الانكشاريون الجدد هم المتشددون الذين كانت حرب سوريا ساحة تدريب لهم، وها هم يستثمرون في أزمات أخرى، ستعود عليهم بالخسران ، هناك مصالح تركية في ليبيا متمثلة بعقود تم توقيعها منذ عام 2010 في مجالات اقتصادية وتنموية، وبالتالي فإن تركيا تخشى على مصالحها في ليبيا، من دون أن تدرك أن ما تقوم به يضر بعلاقاتها مع ليبيا، وبالتالي فإنه سيضر باقتصادها المتضرر أصلاً. التدخلات التركية لا تعود بالنفع على البلاد أو الشعب التركي بأي شكل من الأشكال 

سعت تركيا إلى تمكين الإخوان من حكم البلاد والسيطرة على مقدرات الدولة الليبية. منحت عناصر الجماعة الإرهابية في ليبيا، ممن يمثلون حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، فرصة الاستيلاء على مقدرات البلاد. وحين تصدى لهم الجيش الليبي، وصار واضحاً اقتراب النهاية، تم الإعلان عن إرسال قوات تركية إلى ليبيا أولاً، ولكن الحقيقة هي إرسال الانكشاريين الجدد ممن تم تجميعهم في ساحات التدريب السورية على أسس عرقية ودينية.

الانكشارية الآن في ليبيا، وإردوغان يقول إنهم هناك لمحاربة الإرهاب. كيف يستقيم هذا؟ إرسال الإرهابيين لمحاربة إرهابيين، على افتراض تصديق هذا التضليل بأن الجيش الليبي غطاء؟ ننصت يومياً لتصريحات المسؤولين الأتراك. هم يريدون أن يكرروا التجربة الإيرانية نفسها بالتمدد في المنطقة. وكما صار الفشل الإيراني ظاهراً اليوم، فإن فشل إردوغان لا يمكن أن يختبئ من وراء دعاية إخوانية صارت أكثر من مفضوحة. شوكة إردوغان مكسورة. لعله يتعظ من التاريخ الذي يحاضر على المنطقة من كتبه الكثيرة والتجارب الفياضة فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Your Ad Spot