اخر الاخبار

Post Top Ad

LightBlog

الخميس، 24 أكتوبر 2019

نظرة حول ظهور التطرف الديني بالسودان وحقبة ظهور الإخوان المسلمين


نظرة حول ظهور التطرف الديني بالسودان وحقبة ظهور الإخوان المسلمين


لم يشهد السودان عُنفاً دينياً إلاّ بعد استيلاء تنظيم الإخوان على السلطة، منتصف 1989م، قبلها كان السودانيون يعيشون بسلام؛ المسلم والمسيحي والإحيائي، الكلّ متسمك بدينه وفخور به دون إيذاء الآخرين المُختلفين عنه. لكن لسوء حظهم جميعاً أنّهم أصبحوا تحت هيمنة الإخوان حقلاً لتجارب مريرة، انتهت إلى الأوضاع الرثة والهشة الماثلة الآن. فما من سودانيين اثنين يتجادلان الآن، حول سوء وفشل تجربة حكم الإخوان المسلمين للبلاد. فحقبتهم اتسمت بالفساد وإراقة الدماء والانفصال عن الواقع وتقسيم البلاد وقهر العباد وتشريدهم عن وظائفهم وتدمير البنيات الأساسية للاقتصاد والخدمة المدنية والتعليم العام والعالي والثقافة والترويج للعصبية القبلية والطائفية وإفقار البلاد ونهب ثرواتها. كل ذلك وأكثر –لا نطلقه جزافاً – بل هوموثق ومعروف، وباعتراف  الهيئات والمؤسسات الرسميِّة للدولة..

بطبيعة الحال، لم يحكم الإخوان السودان وحدهم، فهم مرتبطون بالتنظيم العالمي للجماعة ويتلقون أوامرهم منه، ولأنهم لا يؤمنون بالمفهوم الحديث للدولة بوصفها: "مجموعة من الأفراد يمارسون نشاطهم على إقليم جغرافي محدد ويخضعون لنظام سياسي متفق عليه فيما بينهم، يديرون وفقاً له كافة الأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية"، سعوا بكل ما أوتوا من قوة إلى أسلمة جنوب السودان وأعلنوا عليه الجهاد من خارج المؤسسة العسكرية؛ إذ سلحوا القبائل ووزعوا السلاح يمنةً ويسرةً وسخّروا الإعلام ؛الصحف، والإذاعة والتلفزيون، بعد أن منعوا عن الأخيرين بث الغناء عدا أغاني الحرب (الحماس)، سخّروا تلك الوسائل لخدمة الحرب التي انتهت بانفصال الجنوب كما هو ماثل، وها هي دارفور ومناطق أخرى تذق مرارة ذات الدرب

إسقاط مفهوم الجهاد على كل فعل دموي عنيف عبر تفسيراتٍ عدوانية للإسلام لتبرير استخدام القوة تجدها بكتاب الإخوان المُقدّس "معالم في الطريق"

لاشك أنّ كافة التصريحات السيئة  المُسمّاة (فتاوى) والتي تُروج للإسلام العنيف (طُبِخت) على (نار) حركة الإخوان المسلمين، فتكفير المجتمعات والشعوب والحكومات باعتبارها (جاهليات)، والعداء والرفض لكل ما هو غربي ومن ثم مواجهته بقوة وعنف وإسقاط مفهوم الجهاد على كل فعل دموي عنيف عبر تفسيراتٍ عدوانية للشريعة والإسلام لتبرير استخدام القوة تجدها جليّة في كتاب الإخوان (المُقدس) "معالم في الطريق" لسيد قطب. 

حقبة الإخوان في السودان اتّسمت بالفساد وإراقة الدماء وقهر العباد وتدمير البنيات الأساسية للاقتصاد والخدمة المدنية والتعليم العام والترويج للعصبية القبلية والطائفية
أن السودانيين  لُدغوا من تنظيم «الإخوان» في انقلاب عام 1989، الذي راوغ بمكر لإخفاء حقيقته الإخوانية، وخدع الناس بلعبة اذهب إلى القصر رئيسًا، وأذهب أنا إلى السجن حبيسًا، التي بمقتضاها ذهب حسن الترابي إلى السجن مع بقية القيادات السياسية التي اعتقلت بعد الإطاحة بالنظام الديمقراطي، بينما ذهب عمر البشير إلى سدة الحكم رئيسًا قبل أن يكشف عن هويته الإخوانية بعد أن تمكن النظام من مقاليد السلطة، واخترق الإخوان المؤسسة العسكرية والشرطة، وفرضوا سيطرتهم على جهاز الأمن الذي سخّروه تمامًا لخدمة مصالحهم وحماية نظامهم، وحولوه إلى جهاز للبطش وإرهاب الشعب، بممارسة التعذيب في بيوت الأشباح والمقار الرسمية تبنت الحكومة الانقلابية برنامجا دينيا رساليا يتخطى حدود السودان ويهدف لإحياء الخلافة الإسلامية. وشرعت في تحويل الحرب الأهلية في جنوب السودان لحرب دينية يخوضها النظام تحت مسمى الجهاد الهادف لتثبيت أركان دولة الشريعة الإسلامية

وأخيراً

 ان التجربة الإخوانية الفاشلة في السودان تصلح مثالاً يحتذى لمصير الشعوب والدول التي تقع فريسة لهذه الجماعة التي تتسم بعقل دائري منغلق لا يؤمن  بالأوطان؛ لأن الوطن عندها "يمتد بامتداد العقيدة" كما هو معروف في أدبيات ومقولات حسن البنا وسيد قطب وحسن الترابي لذلك تجدهم يتدخلون في شؤون الدول الأخرى ويستجلبون الإرهابيين من كل فج عميق ويهيئون لهم منابر إعلامية يروجون خلالها لأفكارهم المتشددة والمتشنجة ويدعمونهم بالمال والسلاح والتخطيط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Your Ad Spot