السودان يراهن على التعاونيات لمواجهة الغلاء ونقص السلع الاستهلاكية الهامة
تعتبر الحركة التعاونية نشاطاً اقتصادياً واجتماعياً، وهي عبارة عن
عون ومسئولية ذاتية وفقاً لمبادئها العالمية وقوانينها من هذه المبادئ وهي مجموعة
من الاتحادات والمؤسسات التي ينشئها ويديرها أعضاؤها لتحقيق أهدافهم اقتصادياً
واجتماعياً. ومن المؤكد أنها تعتبر حركة شعبية ديمقراطية تؤدي نشاطها وفقاً
لسياسات الدولة في المجال الاقتصادى والاجتماعي. والمتابع
عن كثب يجد الحركة التعاونية في الفترة الماضية أصابها نوع من الضعف، وغاب دورها
في توصيل الخدمات إلى المواطن نتيجة لغياب
الدعم من حكومة النظام البائد، ولذلك أصبحت الآن تحتاج إلى تفعيل القوانين
والاهتمام من حكومة حمدوك التي تنتظرها الكثير من التحديات تجاه إحياء الحركية
التعاونية حتى تقدم الخدمات إلى المواطن بشكل فاعل ومقبول ووزارة الصناعة والتجارة
التي تنتظرها الكثير من المهام لتعزيز وتفعيل وتطوير دورها إلى
إعادة نشاط الحركه التعاونية إلى سيرتها
الأولى.
تعوّل حكومة السودان على المجمعات الاستهلاكية من أجل تخفيف حدة
الغلاء الذي ضرب مختلف السلع الضرورية، ما فاقم الأعباء المعيشية للمواطنين. لذلك
قامت بتنظيم ورشة عمل بعنوان (دور التعاونيات في تركيز الأسعار وتخفيف أعباء
المعيشة بمباني هيئة المواصفات والمقاييس، وقدمت فى هذه الروشة عدد من الأوراق،
الأولى كانت بعنوان (الدور الإشرافى والرقابي في تطوير التعاونيات التي قدمتها
فائزة مبارك من وزارة الصناعة والتجارة وأشارت من خلال ورقتها إلى أن التعاونيات تواجه المشاكل والمعوقات منها المشاكل الإدارية تتمثل في ضعف الكادر
التعاوني وعدم التنسيق بين المسجل العام ومسجل الولاية وعدم تطبيق المادة 30/2 من
قانون التعاون إلى جانب عدم وجود الدعم اللوجستي وضعف الرقابة على الجمعيات إلى
جانب المشاكل الأخرى.
وتتمثل المشاكل الاقتصادية في ضعف رأس مال الجمعيات التعاونية وضعف
التعامل ما بين التعاونيات وضعف عائد التعاونيات، وقالت فائزة إن هناك مشاكل
اجتماعية منها الأمية ووجود النزعة القبلية وتسييس الحركة النقابية.وبدأت وزارة التجارة والصناعة مراجعة القوانين والتشريعات التجارية
لضبط الأسواق وحماية المستهلك ومراجعة قانون التعاون تمهيداً لرفعه للجهات
المختصة، وتكوين لجنة اتحادية للإشراف ومتابعة ضمان وصول السلع من المصانع التي
تحدد لها نسبة 30 بالمائة من إنتاجها للتعاونيات.وحسب خطط الوزارة، سيكون التركيز
على تخفيف أسعارالسلع الأساسية، منها السكر والدقيق والعدس والصابون واللبن، لتكون
بسعر المصنع، وأن يكون ثلثا الإنتاج بسعر السوق يوزع على التعاونيات، وإعفاء رسوم
العبور والالتزام برسوم ترحيل السلع للتعاونيات.ويرى مختصون أن تنشيط التعاونيات
يحسم فوضى الأسواق وآلية مناسبة لمحاربة السماسرة والوسطاء الذين تسببوا في ارتفاع
الأسعار إلا أنهم أكدوا على مواجهة التعاونيات العديد من العقبات أن الدور الرقابي والإشرافي للجهاز الديواني لا يقل أهمية عن الدور
الذي يقوم به الجهاز الشعبي من الناحية الاقتصادية والاجتماعية من أجل التكامل بين
الجهازين، وبشقي الحركة التعاونية والديوانية والشعبية نستطيع العبور بالحركة
التعاونية وتحقيق أهداف الدولة في المرحلة المقبلة لتخفيف أعباء المعيشة وتركيز
الأسعار والمساهمة في الناتج القومي.
ووجّه الأمين العام للاتحاد التعاوني، زكي الدين بلال، انتقادا
للحكومة السابقة وإهمالها لدور وزارة التجارة والتعاونيات. وأكد بلال على بيع النظام السابق عددا من الأصول التعاونية من دون
وجه حق، مشددا على ضرورة مساندة الحكومة الانتقالية للحركة التعاونية للنهوض بها
وتوفير كافة المعينات لها.. الورقة التي قدمها زاكي الدين بلال بعنوان (دور الحركة
التعاونية في تركيز الأسعار تخفيف أعباء المعيشة) والذي ذهب في ورقته إلى أنه كان
للتعاون دور وبارز ومقدر في تخفيف اعباء المعيشة وتركيز الأسعار بالحرص على تقديم
الخدمة الجيدة والميسرة ذات التكلفة الأقل في الفترة الماضية لكن أصابها الركود في
العمل التعاوني من التطبيق الخاطئ لسياسة التحرير الاقتصادي الذي كان من نتائجه
هذا الانفلات في الأسعار من ما صاحبه من فوضى وممارسات وارتفاع جنوني في الأسعار
بصورة لا تتفق مع أهداف وأخلاقيات العمل التعاوني مما أدى إلى توقف الكثير من
الجمعيات التعاونية والانصراف من التعامل معها، وذلك لفقدانها الميزات التي كانت
تقدمها من وفرة وجودة في السلع وارتفاع واضح في الأسعار إضافة إلى ضعف الانتماء
التعاوني من قبل جمهور المساهمين.
التطبيق الخاطئ:
وقال إن أولى الحلول والرؤى المستقبلية لمعالجة المشكلة في ظل الظروف
الراهنة والمعاناة التي يعيشها المواطن تعظم من دور التعاون وتزيد من أهمية الحاجة
للآلية التي تساعد في تجاوز هذه الظروف. وفي سبيل ذلك لابد من تخصيص نسبة من إنتاج المصانع والتعامل معها
مباشرة مع الجمعيات التعاونية ومراجعة التطبيق الخاطئ لسياسة التحرير الاقتصادي
وتوعية المواطن ليكون قادرًا على المطالبة والاهتمام بالتوعية والتعليم وتوفير التمويل للجمعيات التعاونية وزيادة رأسمالها.
الإرادة السياسية:
أما ورقة الدكتور محمد سعد علي رئيس قسم التنمية الريفية بكلية تنمية
المجتمع بجامعة النيلين، فقد قال في ورقته “استراتيجية التعاون في المرحلة
المقبلة”، إن من المهددات التي تواجه الحركة التعاونية عدم تنزيل الإرادة السياسية
المتوفرة الآن إلى إصدار حزمة السياسات المطلوبة واستمرار ضعف روح الأداء في
المؤسسات ذات الصلة، وعدم الاستقرار والنزاعات واحتكارية النخب القبلية والسياسية،
وعدم تبني المواطنين للجمعيات التعاونية، ومحاربة الجمعيات التعاونية من قبل
الوسطاء والقطاع الخاص.أما الفرص المتاحة لإحياء التعاونيات جذب القطاع الخاص
والاستثمارات من خلال شراكات وتوفير الإرادة السياسية لإصلاح الدولة وإمكانية
استقطاب الدعم من شركاء التنمية وأصحاب المصلحة الآخرين.
ارتفاع مستوى الأمية:
وقال إن هناك ازدواجية في العمل التعاوني وفي تعدد القوانين على
المستوى الاتحادي والولائي والمحلي بين المركز والولايات إلى جانب نقص معرفة وخبرة
التعاونيين فيما يتعلق بإدارة الأعمال وعدم القدرة على توظيف مدربين محترفين
بالإضافة لمحدودية قدرات الامانة العامة للتعاون البشرية والمادية لإنفاذ القانون
والاضطلاع بدورها بفاعلية وارتفاع مستوى الأمية الأبجدية والتقانية
أهتمام من الحكومة الإنتقالية الجديدة
وأشارت إحصائيات وزارة التجارة والصناعة إلى وجود أكثر من 20 ألف
جمعية تعاونية استهلاكية وإنتاجية بالسودان، معظمها متعطل، بينما هناك 1070 جمعية
تعمل على تخفيف أعباء المعيشة.وكان وزير الصناعة والتجارة، مدني عباس مدني، أكد أن
الحكومة السودانية ليست لديها المقدرة على مجابهة الأوضاع الاقتصادية التي وصفها
ببالغة التعقيد، مشيرا إلى أن التعاونيات ستكون قاطرة لتحقيق التنمية المتوازنة
اقتصاديا واجتماعيا.وشدد الوزير في ندوة عقدت مؤخرا، على أهمية استعادة الحركة
التعاونية دورها الإنتاجي في تخفيف أعباء المعيشة على المواطنين بجانب محاربة
الجشع. وقال: “واحد من أهداف الوزارة المهمة هو دعم الحركة التعاونية”، مشيرا إلى
جهدهم المتواصل لتخفيف أعباء المعيشة عن المواطنين عبر المجمعات الاستهلاكية
التابعة لهم. وطالب بإعداد مشروعات تعاونية بالاستفادة من الميزة النسبية التي تتمتع
بها عدد من الولايات.
كما صرح مدير الإدارة العامة للاقتصاد وشؤون المستهلك عادل عبد العزيز، إنه في حال التزم المنتجون والمصانع بمؤشر الأسعار المقترح سيكون
هناك استقرار لمدة 6 أشهر في الأسواق مما ينعكس على خفض التضخم وأكد أن السماسرة هم سبب رئيسي في ارتفاع
الأسعاروزيادة التضخم مطالباً بنظام محكم لعملهم داخل الأسواق. وأكد وجود أكثر من
ألفي جمعية تعاونية بولاية الخرطوم وحدها أغلبها جمعيات استهلاكية، إلا أنه يقول
إنها غير قادرة على العمل بطريقة عادية في ظل الأوضاع الاقتصادية حاليا
في البلاد، مرجعا ذلك إلى التشوهات الاقتصادية في السوق.
يُذكر أن وزير المالية السوداني، إبراهيم البدوي، أعلن برنامجا
إسعافيا للاقتصاد مدته 200 يوم، يقوم على خمسة محاور، أبرزها تثبيت أسعار السلع
الأساسية، وإعادة هيكلة الموازنة، ومعالجة البطالة، وسط مخاوف في الشارع من تكرار
الفشل، كما حدث في تجارب الحكومات السابقة. وتضمّن البرنامج أيضا إطلاق مشاريع
محددة في موازنة 2020 لعمل قيمة إضافية لقطاعات اللحوم والحبوب الزيتية ودعم القطاع
الخاص المنتج، خاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
وأخيراً .. !
هــل
تنجح الحكومة الحالية في فرض الإستقرار الإقتصادي المنشود في جميع أنحاء السودان
من خلال الإهتمام بالجمعيات والمؤسسات التعاونية ؟



ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق